شهد اليوم الأول من فعاليات مؤتمر Good COP 2.0 المقام على هامش مؤتمر الأطراف COP11 في جنيف، بتنظيم من تحالف حماية دافعي الضرائب (Taxpayers Protection Alliance)، مشاركة نخبة من الخبراء الدوليين في مجالات الصحة العامة والسياسات التنظيمية، حيث قدموا تحليلات معمقة لمسار اتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية لمكافحة التبغ منذ تأسيسها، وناقشوا آفاق تطويرها وتعزيز فعاليتها بما يواكب التطورات الصحية والاجتماعية العالمية.
استمع المشاركون إلى رؤى قدمها خبراء بارزون، ناقشوا خلالها الاتجاه المستقبلي للاتفاقية وتأثيراتها على الصحة العامة العالمية، وسلطوا الضوء على سبل تعزيز فعالية السياسات وتقليل المخاطر المجتمعية المرتبطة بالتبغ. كما تناولت المناقشات دور الدول والمواطنين في صياغة حلول مستدامة، إلى جانب تقييم أداء المنظمات الدولية وفي مقدمتها الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية في هذا الملف.
وسلطت المناقشات الضوء على التحديات العالمية المرتبطة بالتعامل مع الأضرار المجتمعية للتبغ، مؤكدة التأثير الكبير لصناعة التبغ على الصحة العامة والحاجة الملحة لتدخل السياسات العامة الفعّالة. وأشار الخبراء إلى أهمية دور المواطنين والدول في وضع سياسات مدروسة للحد من المخاطر الصحية والاجتماعية، مع التأكيد على ضرورة إصلاح وتعزيز قدرة المنظمات الدولية لضمان قدرتها على مواجهة النفوذ المتزايد لشركات التبغ، وتعزيز الشفافية والمساءلة.
كما شدد الخبراء على أهمية تبني سياسات صحية قائمة على الأدلة العلمية، موضحين أن حظر المنتجات البديلة لا يستند إلى بيانات كافية، في حين تشير الدراسات إلى انخفاض مخاطرها مقارنة بالسجائر التقليدية. وأكدوا أن مكافحة التبغ يجب أن تركز على تقليل المخاطر وليس المنع فقط، وأن تبني سياسات متوازنة قد يُسرّع من خفض معدلات التدخين عالميًا، مع تقديم رؤى تحليلية تساعد الجمهور على فهم العلاقة بين السياسات الصحية والتأثيرات الاقتصادية والمصالح المرتبطة بصناعة التبغ.
وخلال جلسة حوارية بعنوان: “اتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية بشأن مكافحة التبغ (FCTC) لا تعمل”، قال الخبير روجر بيت، الاقتصادي الصحي وزميل المركز الدولي للقانون والاقتصاد: “أؤمن بأن دور المواطنين والدول في التعامل مع المخاطر التي تواجه المجتمع جوهري، والأمم المتحدة ووكالاتها مثل منظمة الصحة العالمية مؤسسات لو لم تكن موجودة لاضطررنا لاختراعها من جديد. لكن هذا لا يعني أنها خالية من المشاكل.”
وأضاف “بيت” موضحًا التحديات التي تواجه اتفاقية مكافحة التبغ: “هدفي اليوم بسيط: شرح كيف انحرفت FCTC عن وعودها الأولى، ولماذا فشلت محاولات الإصلاح من الداخل.”
وأشار “بيت” إلى مشاركته في مشروع “المراجعة الصحية الدولية”، الذي يقوده خبراء سابقون في منظمة الصحة العالمية ويضم دبلوماسيين وعلماء كبار، ويهدف إلى البحث في سبل إصلاح منظومة الصحة العالمية بما يشمل ملف التبغ وغيره من الملفات الصحية الحرجة.
وأظهرت البيانات التي جرى استعراضها خلال الجلسة أن البدائل المبتكرة الأقل خطورة، مثل السجائر الإلكترونية والمنتجات الخالية من الدخان، لا تزال تواجه تهميشاً رغم تزايد الأدلة العلمية التي تؤكد دورها في خفض الأمراض المرتبطة بالتدخين. وتوضح الدراسات أن السجائر الإلكترونية تضاعف تقريبًا معدلات الإقلاع عن التدخين مقارنة ببدائل النيكوتين التقليدية أو محاولات الإقلاع دون مساعدة، مع تحقيق مستويات أعلى من رضا المستخدمين واستمرارهم في الالتزام بالإقلاع عن التدخين.
وقد قدمت التجارب الدولية، مثل تجربة نيوزيلندا، مثالًا على تراجع معدلات التدخين بوتيرة أسرع منذ عام 2019 عقب تطبيق سياسات الحد من المخاطر وتنظيم منتجات التدخين الإلكتروني. و مع ذلك حذرت بعض الدول ضد تقديم تشريعاتتنظم استخدام بدائل التبغ في عدم وجود إحصائيات كافية. و على سبيل المثال قد دعت صربيا إلى توخي الحذر عند اتخاذ إجراءات متطرفة قد تؤثر على الاقتصاد، مؤكدة ضرورة أن تستند أي سياسات جديدة إلى بيانات علمية موثوقة تظهر أثرها الإيجابي على الصحة العامة.
وتأتي هذه الجلسة ضمن الفعاليات المقامة على هامش مؤتمر COP11، الذي يعقد في الفترة من 17 إلى 21 نوفمبر، كنقطة محورية لإعادة تقييم قدرة اتفاقية FCTC على التكيف مع المتغيرات الصحية والاجتماعية وضمان حماية الصحة العامة عالمياً.













